فى مثل هذا اليوم
قالوا انك اغمضت عينيك
وفتحت ذراعيك للفراق
وحلقت نحو الغياب
ورحلت !
رحلت ذلك الرحيل الذى تغلق خلفه كل ابواب العودة ....
فى مثل هذا اليوم
نامت احلامى كالاطفال الابرياء
واستيقظ الواقع كالوحوش المفترسة
وتفجرت براكين الحزن فى دمى
وتزلزل كل شئ جميل فى داخلى
فى مثل هذا اليوم
قالوا بصوت البكاء انك رحلت
فظننت ان موتك اشاعة مؤلمة
وان رحيلك سحابة صيف ستمر بسلام
وان غيابك اكذوبة سيبددها حضورك الجميل
وانت دخان الحزن الذى حاصرنى دعابة ثقيلة
فى مثل هذا اليوم
ولد جرحى الاول ، وولد حزنى الاول ، وولد احساسى العظيم بالذهول
وقطعت اول تذكرة لمدينة الحزن
وخطوت اول خطواتى نحو ارض الضياع
فى مثل هذا اليوم
التحقت بمدرسة الالم وجلست فى صفوف العذاب الاولى
وتعلمت البكاء بحرقة وتعلمت الانكسار بانكسار
وتهجيت اول حروف الحزن وكتبت اول كلمات الحنين
وتعلمت اول درس من دروس الفراق....
فى مثل هذا اليوم
كبرت طفولتى وتغيرت الاشياء
فلم اعد انا ..... انا
ولا هم .....هم
ولا الدار.....هى الدار
ولا الطريق.....هى الطريق
ولا العالم .....هو العالم
ولا الحياة ..... هى الحياة
فى مثل هذا اليوم
تغيرت الوجوه
وتغيرت الاصوات
وتغيرت العقول
وعلا البكاء
وتضخمت الفجيعة
واستوطن الذهول كل الخلائق حولى
فى مثل هذا اليوم
سمعت صوت الحزن ينادينى بقوة
والالم يفتح لى ذراعيه باشتياق
وطفولتى تلوح لى مودعة
والثلج الابيض يغزو ضفائرى
ووجهى فى المراة يتغير
ولم تعد ملامحى هى ملامحى
ولا الاشياء حولى هى الاشياء
فى مثل هذا اليوم
افتقدتك كثيرا
وناديتك كثيرا
وبكيتك كثيرا
وانتظرتك كثيرا
وخسرتك كثيرا كثيرا كثيرا
قبل ان يرعبنا المساء....
فى مثل هذا اليوم
غادرت "انت" الحياة
وغادرتنى "انا" الحياة .