وسط الخلجان الطبيعية، التي تشكل أبرز معالم تضاريس المنطقة، المتربعة على مداد مياه حوض البحر المتوسط ، تبرز البردي على شكل مرتفع يبلغ إرتفاعه نحو 100 متر عن مستوى سطح البحر، تنتشر على جنباته مباني المدينة التي يشطرها الطريق المعبد إلى شطرين أحدهما جنوباً ويحتضن مباني المدينة، والآخر شمال الطريق، ويضم الخلجان والسواحل وأبرز معالمها السياحية.. تنهض وتختبئ بين التضاريس المتباينة، مختتمة فصول الرحلة عبر الأراضي الليبية، من جهة الشرق، فبعد المناظر المشهدية لمرتفعات الجبل الأخضر، وهضبة البطنان، تطل البردي كآخر نقطة حضرية قبل الوصول إلى مدينة امساعد على الحدود الليبية المصرية، وعلى بعد نحو 125 كيلو متر شرق مدينة طبرق.
وتعد البردي الحاضنة لأجمل الشواطئ المتشحة بروعة خلفية المرتفع الذي تتخلله الخلجان بسحر مناظرها المتمازجة مع ألوان الرمال الذهبية التي تغطي المكان، مشكلة صورة من جماليات الطبيعة البكر، إمتزج فيها الوادي، والجبل، والخلجان، حيث تنحصر المنطقة بين عدد من الوديان، التي تعانق البحر، و تلك البقعة الجغرافية الصغيرة القابعة وسط سفوح مرتفعات الجبل الأخضر.. وهي تتهادى على ضفاف خلجان وشواطئ صخرية ورملية تحفها أشجار النخيل ماأضفى على القرية صفة الجمال الطبيعي اللامتناهي. ومن أبرز معالم القرية يظهر على أحد المرتفعات المطلة على الشاطئ، المبنى الذي سجن بداخله الجندي "جون فريديرك بريل"، أحد المحاربين الإنجليز، الذي كان رافضاً لفكرة الحروب، وأحضر إلى المكان وسجن بداخله بعد أن أعلن عن رفضه للحرب العالمية الثانية... وأراد أن يعبر عن رؤيته تلك، فاقتبس من الروائي الانجليزي " تشارلز ديكنز" روايته الشهيرة " قصة مدينتين" ... وتدفقت من مخيلته آلاف الصور ... وتداخلت الرؤى في رقصات ونسوة وجماجم تعبيراً عن الحرية والحياة.. " جون بريل" عسكري إنجليزي أراد القول إن الحروب تكبل الروح وتقتل الجمال وتدمر مكامن التعبير داخل العقل ... هذا ماتقوله اللوحة الجدارية البيضاء والسوداء ... أو بالأحرى ماتحمله لوحة الحرية والحياة للمحارب " جون " من أحاسيس ومشاعر يقف أمامها المرء في تأمل وسط مبنى قديم بقرية البردي .
وسجل على جدران سجنه بالبردي لوحة ممزوجة بذكريات الوطن وويلات الحروب... من الريف الإنجليزي يستحضر "فريديرك" رقصات الباليه والنساء والنبيذ ومباريات الملاكمة والعملات المعدنية والورقية ... تقف على أكوام من الجماجم والأيدي... ووجوه تعلوها الكآبة ويلفها البؤس .. وعدد من الكتب ترمز لروايات الكاتب الإنجليزي الكبير " تشارلز ديكنز" قصة مدينتين... " وبرانبي رودج" .. وغيرها.. تبرز من تحت منضدة عليها عدد من السكاكين.. ويطل من نافذة أقصى يسار اللوحة رجلٌ يبدو أن له علاقة بجون ... حاول من خلالها التعبير عن رفضه للحرب ولم يشارك بالمعارك ممااستدعى القادة الميدانيين إلى سجنه وتطبيق حكم الإعدام عليه .. فلم يجد إلا حذائه ليعبر به عن رفضه للحرب... لتمتلئ جدران الغرفة بالألوان السوداء أثناء رسم لوحته. كما تبرز على حواف القرية مخلفات لمعارك الحروب التي خاضتها القوات الأجنبية خلال الحرب العالمية الثانية، من أهمها التحصينات والخنادق، والأنفاق، والقواعد العسكرية، وغرف العمليات الميدانية للقوات الإيطالية، والألمانية.وتشير المصادر إلى أن المدينة شهدت أول محاولة لإغتيال "رومل" قائد القوات الألمانية في شمال أفريقيا، حيث أنزلت الغواصات الإنجليزية مجموعة من الفدائيين الإنجليز فى خليج خشم الكلب قرب مدينة البيضاء ليلة 18 الحرث - نوفمبر 1941 فى بداية معركة الصليبى، وهاجموا القوات الألمانية المتحصنة بشواطئ المدينة. وتعد البردي اليوم بمبانيها القديمة، ومسجدها العتيق القابع على أطراف المدينة من جهة الشرق، وميناءها المتربع على الخليج، إحدى أبرز المواقع السياحية الليبية التي أضيفت مؤخراً إلى قائمة المواقع السياحية على طول الساحل الليبي، لاسيما بعد إفتتاح فندق البردي المطل على ضفاف الشواطئ الرائعة والفريدة على طول الساحل الليبي، ويشتمل الفندق على عدد 50 غرفة و 4 أجنحة فخمة، وعدد من المطاعم، والمقاهي، باطلالة على خلفية المناظر الطبيعية لزرقة البحر، وألوان المرتفعات المتباينة التفاصيل والمعالم
الأحد يوليو 25, 2010 4:34 pm
